فصل: قال صاحب روح البيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

سورة الأحزاب مدنية وهى ثلاث وسبعون آية.
بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم.
{يا أيها النبى اتق الله}.
في ندائه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بعنوان النُّبوة تنويهٌ بشأنه وتنبيهٌ على سموّ مكانه، والمرادُ بالتَّقوى المأمور به الثباتُ عليه والازديادُ منه فإنَّ له بابًا واسعًا وعرضًا عريضًا لا يُنال مداهُ {وَلاَ تُطع الكافرين} أي المجاهرينَ بالكُفر {والمنافقين} المُضمرين له أي فيما يعودُ بوهنٍ في الدّين وإعطاء دنيَّةٍ فيما بين المسلمينَ.
رُوي أنَّ أبا سفيانَ بنَ حربٍ وعكرمةَ بنَ أبي جهلٍ وأبا الأعور السُّلَمي قدمُوا عليه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في الموادعة التي كانتْ بينه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وبينهم، وقامَ معهم عبدُ اللَّه بن أبيَ ومعتب بن قُشير والجدُّ بنُ قيسٍ فقالُوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرفضْ ذكرَ آلهتنا، وقل: إنَّها تشفعُ وتنفعُ وندعك وربَّك فشقَّ ذلك على النبيّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والمؤمنين وهمُّوا بقتلهم فنزلتْ أي اتق الله في نقض العهد ونبذ الموادعة ولا تساعد الكافرينَ من أهل مكةَ والمنافقينَ من أهل المدينة فيما طلبُوا إليكَ {إنَّ الله كَانَ عَليمًا حَكيمًا} مُبالغًا في العلم والحكمة فيعلم جميعَ الأشياء من المصالح والمفاسد فلا يأمرُك إلا بما فيه مصلحةٌ ولا ينهاك إلا عمَّا فيه مفسدةٌ ولا يحكم إلا بما تقتضيه الحكمةُ البالغةُ فالجملةُ تعليلٌ للأمر والنَّهي مؤكدٌ لوجوب الامتثال بهما {واتبع} أي في كلّ ما تأتي وتذر من أمور الدّين {مَا يوحى إلَيْكَ من رَبّكَ} من الآيات التي من جُملتها هذه الآيةُ الآمرةُ بتقوى الله الناهيةُ عن مساعدة الكَفَرة والمنافقينَ. والتَّعرضُ لعُنوان الرُّبوبية لتأكيد وجوب الامتثال بالأمر {إنَّ الله كَانَ بمَا تَعْمَلُونَ خَبيرًا} قيل: الخطابُ للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والجمعُ للتَّعظيم وقيل: له عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وللمؤمنينَ وقيلَ:
للغائبينَ بطريق الالتفات ولا يخفى بعدُه نعم يجوزُ أنْ يكونَ للكلّ على ضربٍ من التَّغليب، وأيًا ما كانَ فالجملةُ تعليلٌ للأمر وتأكيدٌ لموجبه، أمَّا على الوجهين الأولين فبطريق الرغيب والتَّرهيب كأنَّه قيل: إنَّ الله خبيرٌ بما تعملونَه من الامتثال وتركه فيرتب على كلَ منهما جزاءَه ثوابًا وعقابًا وأمَّا على الوجه الأخير فبطريق الترغيب فقط كأنَّه قيل: إنَّ الله خبيرٌ بما يعملُه كلا الفريقين فيرشدك إلى ما فيه صلاحُ حالك وانتظامُ أمرك ويُطلعك على ما يعملونَه من المكايد والمفاسد ويأمُرك بما ينبغي لك أنْ تعملَه في دفعها وردّها فلابد من اتباع الوحي والعمل بمقتضاه حتمًا.
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الله} أي فوّض جميعَ أمرك إليه {وكفى بالله وَكيلًا} حافظًا موكُولًا إليه كلُّ الأمور. اهـ.

.قال الألوسي:

{يَا أَيُّهَا النَّبيُّ اتَّق الله}.
ناداه جل وعلا بوصفه عليه الصلاة والسلام دون اسمه تعظيمًا له وتفخيمًا قال في الكشاف.
إنه تعالى جعل نداءه من بين الأنبياء عليهم السلام بالوصف كرامة له عليه الصلاة والسلام وتشريفًا وربأ بمحله وتنويهًا بفضله، وأوقع اسمه في الأخبار في قوله تعالى: ناداه جل وعلا بوصفه عليه الصلاة والسلام دون اسمه تعظيمًا له وتفخيمًا.
قال في الكشاف: إنه تعالى جعل نداءه من بين الأنبياء عليهم السلام بالوصف كرامة له عليه الصلاة والسلام وتشريفًا وربأ بمحله وتنويهًا بفضله، وأوقع اسمه في الأخبار في قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله} [الفتح: 9 2] {وَمَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ} [آل عمران: 4 14] لتعليم الناس بأنه رسول وتلقين لهم أن يسموه بذلك ويدعوه به فلا تفاوت بين النداء والأخبار، ألا ترى إلى ما لم يقصد به التعليم والتلقين من الأخبار كيف ذكره تعالى بنحو ما ذكره في النداء كما في قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسكُمْ} [التوبة: 128] {وَقَالَ الرسول يارب} [الفرقان: 0 3] {النبى أولى بالمؤمنين منْ أَنْفُسهمْ} [الأحزاب: 6] إلى غير ذلك.
وتعقبه في الكشف بأن أمر التعليم والتلقين في قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله} [الفتح: 9 2] ظاهر أما في قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ} [آل عمران: 144] فلا، على أن قوله تعالى: {والذين ءامَنُوا وَعَملُوا الصالحات وَءامَنُوا} [محمد: 2] ينقض ما بناه، نعم النداء يناسب التعظيم وربما يكون نداء سائر الأنبياء عليهم السلام في كتبهم أيضًا على نحو منه، وحكى في القرآن باسمائهم دفعًا للالباس، والاسبه أنه لما قل ذكره صلى الله عليه وسلم باسمه دل على أنه أعظم شأنًا صلوات الله تعالى وسلامه عليه وعليهم أجمعين، وفيه نظر.
واختار الطيبي طيب الله تعالى ثراه أن النداء المذكور هنا للاحتراس وجبر ما يوهمه الأمر والنهي كقوله تعالى: {عَفَا الله عَنكَ لَّمًّا أَذنتَ لَهُمْ} [التوبة: 43] وظاهر سياق ما بعد أن المعنى بالأمر بالتقوى هو النبي صلى الله عليه وسلم لا أمته كما قيل في نظائره والمقصود الدوام والثبات عليها، وقيل: الازدياد منها فإن لها بابًا واسعًا وعرضًا عريضًا لا ينال مداه {وَلاَ تُطع الكافرين} أي المجاهرين بالكفر {والمنافقين} المضمرين لذلك فيما يريدون من الباطل؛ أخرج ابن جرير عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إن أهل مكة منهم الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة دعوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع عن قوله على أن يعطوه شطر أموالهم وخوفه المنافقون واليهود بالمدينة إن لم يرجع قتلوه فنزلت، وذكر الثعلبي والواحدي بغير إسناد أن أبا سفيان ابن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا عليه عليه الصلاة والسلام في زمان الموادعة التي كانت بينه صلى الله عليه وسلم وبينهم وقام معهم عبد الله بن أبي ومعتب بن قشير والجد بن قيس فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارفض ذكر آلهتنا وقل: إنها تشفع وتنفع وندعك وربك فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وهموا بقتلهم فنزلت، وقيل: نزلت في ناس من ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبوا منه عليه الصلاة والسلام أن يمتعهم باللات والعزى سنة قالوا: لتعلم قريش منزلتنا منك ولا يبعد أن يكون المراد بالنهي الثبات على عدم الإطاعة، وذكره بعد الأمر بالتقوى المراد منه الثبات عليها على ما قيل من قبيل التخصيص بعد التعميم لاقتضاء المقام الاهتمام به، وقيل: من قبيل التأكيد، وقيل: متعلق كل من التقوى والإطاعة مغاير للآخر على ما روي الواحدي، والثعلبي، والمعنى اتق الله تعالى في نقض العهد ونبذ الموادعة ولا تطع الكافرين من أهل مكة والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا منك من رفض ذكر آلهتهم وقولك: إنها تشفع وتنفع وكأنه إنما قدم الأمر بقتوى الله تعالى في نقض العهد لما أن المؤمنين قد هموا بما يقتضيه بخلاف الإطاعة المنهى عنها فإنها مما لم يهم بما يقتضيها أحد أصلًا فكان الاهتمام بالأمر أتم من الاهتمام بذلك النهي {إنَّ الله كَانَ عَليمًا حَكيمًا} مبالغًا في العلم والحكمة فيعلم الأشياء من المصالح والمفاسد فلا يأمرك إلا بما فيه مصلحة ولا ينهاك ألا عما فيه مفسدة ولا يحكم إلا بما تقتضيه الحكمة البالغة فالجملة تعليل للأمر والنهي مؤكد لوجوب الامتثال بها.
وقيل: المعنى إن الله كان عليمًا بمن يتقي فيجازيه بما يليق به حكيمًا في هدى من شاؤوا ضلال من شاء فالجملة تسلية له صلى الله عليه وسلم، وليس بشيء، وقوله تعالى: {واتبع مَا يوحى إلَيْكَ من رَبّكَ} عطف على ما تقدم من قبيل عطف العام على الخاص أي اتبع في كل ما تأتي وتذر من أمور الدين ما يوحى إليك من الآيات التي من جملتها هذه الآية الآمرة بتقوى الله تعالى الناهية عن إطاعة الكفرة والمنافقين، والتعرض لعنوان الربوبية لتأكيد وجوب الامتثال بالأمر {إنَّ الله كَانَ بمَا تَعْمَلُونَ خَبيرًا} قيل: الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والجمع للتعظيم، وقال أبو البقاء: إنما جاء بالجمع لأنه عني بقوله تعالى: {أَتَّبعُ مَا يوحَى} الخ اتبع أنت وأصحابك؛ وقيل: للغائبين من الكفرة المنافقين وبطريق الالتفات ولا يخفى بعده.
نعم يجوز أن يكون للكل على ضرب من التغليب، وأيًا ما كان فالجملة تعليل للأمر وتأكيد لموجبه فكأنه قيل على الأول: إن الله تعالى يعلم بما تعمل فيرشدك إلى ما فيه الصلاح فلابد من اتباع الوحي والعمل بمقتضاه حتمًا، وعلى الثاني إن الله تعالى خبير بما يعمل الكفرة والمنافقون من الكيد والمكر فيأمرك سبحانه بما يدفعه فلابد من اتباع ما يوحيه جل وعلا إليك، وعلى الثالث إن الله تعالى خبير بما تعمل ويعمل الكفرة والمنافقون فيرشدك إلى ما فيه صلاح حالك ويطلعك على كيدهم ومكرهم ويأمرك جل شأنه بما يدفع ذلك ويرده فلابد من اتباع وحيه تعالى والعمل بموجبه.
وقرأ أبو عمرو {يَعْمَلُونَ} بياء الغيبة على أن الضمير للكفرة والمنافقين وجوز كونه عامًا فلا تغفل.
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الله} أي فوض جميع أمورك إليه عز وجل: {وكفى بالله وَكيلًا} حافظًا موكولًا إليه الأمور، والإظهار في مقام الإضمار للتعظيم ولتستقل الجملة استقلال المثل. اهـ.

.قال صاحب روح البيان:

{يا أَيُّهَا النَّبىُّ} من النبأ وهو خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن وسمي نبيًا لأنه منبىء أي: مخبر عن الله بما تسكن إليه العقول الزكية أو من النبوة أي: الرفعة لرفعة محل النبي عن سائر الناس المدلول عليه بقوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَليًّا} (مريم: 57) ناداه تعالى بالنبي لا باسمه أي: لم يقل يا محمد كما قال يا آدم ويا نوح ويا موسى ويا عيسى ويا زكريا ويا يحيى تشريفًا فهو من الألقاب المشرفة الدالة على علو جنابه عليه السلام.
وله أسماء وألقاب غير هذا وكثرة الأسماء والألقاب تدل علي شرف المسمى وأما تصريحه باسمه في قوله: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّه} (الفتح: 29) فلتعليم الناس أنه رسول الله وليعتقدوه كذلك ويجعلوه من عقائدهم الحقة فأخرجهم عمر رضي الله عنه من المسجد بل من المدينة وقال: اخرجوا في لعنة الله وغضبه فنزلت هذه الآية: {اتَّق اللَّهَ} في نقض العهد ونبذ الأمان وأثبت على التقوى وزد منها فإنه ليس لدرجات القتوى نهاية وإنما حملت على الدوام لأن المشتغل بالشيء لا يؤمر به فلا يقال للجالس مثلًا اجلس أمره الله بالتقوى تعظيمًا لشأن التقوى فإن تعظيم المنادى ذريعة إلى تعظيم شان المنادى له.
قال في كشف الأسرار يأتي في القرآن الأمر بالتقوى كثيرًا لتعظيم ما بعده من أمر أو نهي كقول: {اتَّقُوا اللَّهَ وَءَامنُوا برَسُوله} (الحديد: 28). وقول لوط: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُون في ضَيْفى} (هود: 78).
قال في الكبير: لا يجوز حمله على غفلة النبي عليه السلام لأن قوله النبي ينافي الغفلة لأن النبي خبير فلا يكون غافلًا.
قال ابن عطاء: أيها المخبر عني خبر صدق والعارف بي معرفة حقيقية اتق الله في أن يكون لك الالتفات إلى شيء سواي.
واعلم أن التقوى في اللغة بمعنى الاتقاء وهو اتخاذ الوقاية وعند أهل الحقيقة هو الاحتراز بطاعة الله من عقوبته وصيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل أو ترك.
قال بعض الكبار المتقي إما أن يتقي بنفسه عن الحق تعالى وإما بالحق عن نفسه والأول هو الاتقاء بإسناد النقائص إلى نفسه عن إسنادها إلى الحق سبحانه فيجعل نفسه وقاية له تعالى والثاني هو الاتقاء بإسناد الكمالات إلى الحق سبحانه عن إسنادها إلى نفسه فيجعل الحق وقاية لنفسه والعدم نقصان فهو مضاف إلى العبد والوجود كمال فهو مضاف إلى الله تعالى.
{وَلا تُطع الْكَافرينَ} أي: المجاهرين بالكفر {وَالْمُنَافقينَ} أي: المضمرين له أي: دم على ما أنت عليه من انتفاء الطاعة لهم فيما يخالف شريعتك ويعود بوهن في الدين وذلك أن رسول الله لم يكن مطيعًا لهم حتى ينهى عن إطاعتهم لكنه أكد عليه ما كان عليه وثبت على التزامه والإطاعة الانقياد وهو لا يتصور إلا بعد الأمر.
فالفرق بين الطاعة والعبادة أن الطاعة فعل يعمل بالأمر لا غير بخلاف العبادة {إنَّ اللَّهَ كَانَ} على الاستمرار والدوام لا في جانب الماضي فقط {عَليمًا} بالمصالح والمفاسد فلا يأمرك إلا بما فيه مصلحة ولا ينهاك إلا عما فيه مفسدة {حَكيمًا} لا يحكم إلا بما تقتضيه الحكة البالغة.
{وَاتَّبعْ مَا يُوحَى إلَيْكَ من رَّبكَ إنَّ اللَّهَ كَانَ بمَا تَعْمَلُونَ خَبيرًا}.
{وَاتَّبعْ} في كل ما تأتي وما تذر من أمور الدين {مَا يُوحَى إلَيْكَ من رَّبكَ} في التقوى وترك طاعة الكافرين والمنافقين وغير ذلك أي: فاعمل بالقرآن لا برأى الكافرين.
قال سهل: قطعه بذلك عن اتباع أعدائه وأمره بالاتباع في كل أحواله ليعلم أن أصح الطريق شريعة الاتباع والاقتداء لا طريقة الابتداع والاستبداد:
{إنَّ اللَّهَ كَانَ بمَا تَعْمَلُونَ}.
من الامتثال وتركه وهو خطاب للنبي عليه السلام والمؤمنين {خَبيرًا} فيرتب على كل منهما جزاءه ثوابًا أو عقابًا فهو ترغيب وترهيب.
{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه} أي: فوض جميع أمورك إليه {وَكَفَى باللَّه} أي: الله تعالى: {وَكيلا} حافظًا موكولًا إليه كل الأمور، قال الشيخ الزورقي في شرح الأسماء الحسنى: الوكيل هو المتكفل بمصالح عباده والكافي لهم في كل أمر ومن عرف أنه الوكيل اكتفى به في كل أمره فلم يدبر معه ولم يعتمد إلا عليه.
وخاصيته نفي الحوائج والمصائب فمن خاف ريحًا أو صاعقة أو نحوهما فليكثر منه فإنه يصرف ويفتح له أبواب الخير والرزق.
فعلى العاقل أن يجتهد في ترك الالتفات إلى غير الله ويركب المشاق في طريق من يهواه فإن الأخذ بالعزائم نعت الرجل الحازم وأولوا العزم من الرسل هم الذين لقوا الشدائد في تمهيد السبل.
ما جنح إلى الرخص إلا من يقع في الغصص.
من سلك هاهنا ما توعر تيسر له في آخرته ما تعسر.
فما أثقل ظهرك سوى وزرك.
فهنا تحط الأثقال أثقال الأعمال والأقوال.
فاحذر من الابتداع في حال الاتباع.
واعلم أن النعم لا يمكن العبد تحصيلها بالأصالة فالله يحصلها له بالوكالة والعاقبة للتقوى.
وقال بعض الكبار: من الأدب أن تسأل لأنه تعالى ما أوجدك إلا لتسأل فإنك الفقير الأول فاسأل من كريم لا يبخل فإنه ذو فضل عميم ومن اتبع هواه لم يبلغ مناه ومن قام بالخدمة مع طرح الحرمة والحشمة فقد خاب وما نجح وخسر وما ربح الخادم في مقام الإذلال فما له وللدلال إذا دخل الخادم على مخدومه واعترض ففي قلبه مرض فبالحرمة والتسليم والتوكل تنال الرغائب في جميع المناصب والله تعالى هو الخبير أي: العليم بدقائق الأمور وخفاياها ومن عرف أنه الخبير اكتفى بعلمه ورجع عن غيره ونسي ذكر غيره بذكره ويترك الدعوى والرياء والتصنع ويكون على إخلاص في العمل فإن الناقد بصير.
نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من أهل التقوى والإخلاص ويلحقنا بأرباب الاختصاص ويفتح لنا باب الخيرات والفتوح ما مكث في هذا البدن الروح. اهـ.